الرئيسية قصص و خواطر “ضريح الرمل”

“ضريح الرمل”

بقلم وهيبة جموعي
A+A-
إعادة

و هي تُتوّج يوم 26/05/2022 بالجائزة العالمية للرواية "بوكر" (مقرها في بريطانيا) عن روايتها المترجمة الى الإنجليزية على يد الكاتب الامريكي "ديزي روكويل" تحت عنوان "ضريح الرمل " ( TOMB of SAND)،

هل فتحت كاتبتها الهندية"جي تانجلي شري" باب الأمل على مصراعيه للشيوخ و العجائز المحكومين بقضاء سحابة يومهم على الفراش ما بقي لهم من عمر ، و هي تدعوهم لكي ينهضوا و يستكملوا دورة حياتهم بكل شغف و رغبة مشتعلة في الحياة، و لم لا البدء في مغامرة ممتعة و مليئة بالأحداث تنسيهم يأس الشيخوخة و تنفض عنهم كل المنغصات الصحية و الاجتماعية التي تستبدّ بهم في هذا العمر و التي يستسلمون لها طائعين؟

    ما يقودنا الى هذا التساؤل البريء : هل فوز الرواية بهذه الجائزة العالمية العريقة و المرموقة هو لملامستها هذا الامل الخفي الذي يعمر جوانب النفس عند كبار السن و ايقاد فتيل الحياة في دواخلهم للانطلاق مجددا عبر دروبها المتشعبة مؤكدة لهم أن لا شيء ينتهي هكذا بمجرد أن يبلغ الانسان عمرا متقدما او يفقد رفيقا كان له السند و المؤنس ؟

    هل الاعجاب الذي لاقته روايتها عند لجنة تحكيم الجائزة هل هو ترجمة لما لاقته أفكارها المطروحة من موافقة و ما لاقته دعوتها للحياة من تأييد؟

     سؤال يطرح على أعضاء اللجنة التي يرأسها "فرانك وين" والتي قالت عن الرواية:"ان وجهات النظر و الأطر الزمنية المتغيرة باستمرار لرواية “ضريح الرمل " الخلاّقة و المليئة بالطاقة لـ"جي تانجالي شري" تقودنا الى كل زاوية في حياة امرأة تبلغ من العمر 80 عاما و الى ماضيها المدهش".

    و اذا كان ماضيها مدهشا فان مستقبلها غداة بلوغها الثمانين عاما و فقدانها لزوجها أكثر ادهاشًا حين تقوم من فراشها بكل ثبات و تقرّر خوض غمار الحياة من جديد تحت نظرات ابنها الذاهلة و زوجته ، بل و تخطط لمغامرة سفر و تعبر الحدود الى الباكستان محل الذكريات التي رافقتها طول عمرها منذ ان أعلنت هذه استقلالها عن الهند.

   لقد كان منطلق الكاتبة الهندية الحاملة لشهادة دكتوراه في التاريخ هو ما قالته في هذا الشأن: "لقد رأيت عدة نساء عجائز مُمدّدات على السرير طوال اليوم و ظهورهن الينا ، و كثيرا ما تساءلت هل يُدرنَ ظهورهن لنا أم للحياة" و هو تساؤل في محلّه لاسيما أمام مسنّين كانوا ذات زمن مضى يشتغلون على الحياة بكل ما اوتوا من قوة و طاقة و يرفضون حالة العجز التي وضعوا فيها قسرا بحكم السّن و ظروفه .

و في ديننا الحنيف ما يدعو الى الحركة و النشاط و الأمل حتى و لو قامت الساعة اذ يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها".

فشيخوخة المرء حقبة يجب أن يتمّ التحضير لها أيضا حتى لا ينتهي الانسان خاملا على فراش أمام جدار في غرفة موحشة يجترّ فيها وحدته و يلوك فيها يأسه و عجزه.

على كل حال ، الادب رسالة إنسانية بامتياز و الاديب الفذّ هو من يلامس أشياء حميمة في الانسان قد لا يشعر هو ذاته بوجودها داخله .

هو أيضا دعوة للنور ، للسلام و للحياة .

قد يعجبك أيضا

أترك تعليقا