29 الليلة ظلماء ، دامية في غزة ،طائرات حربية تحلّق في السماء و تشنّ غارات على أحياء جديدة يقول وائل الدحدوح و “الزلمة” يقفز على ألمه ويراوغ الموت في عرينه بشجاعة نادرة. المشهد في غزة سريالي بامتياز كأنه فصل من رواية درامية كتبت بالدم و الدموع. عنيفة هي الاشتباكات على الارض، مرعب هو القصف من البحر ، مهولة تلك الاشياء النازلة من السماء تومض لحظة لتخيّم العتمة من جديد على المكان. فالظلام دامس بعد قطع الكهرباء ، العزلة رهيبة بعد بتر الاتصالات و تحطيم كوابل الشبكة العنكبوتية ، وعائلات الضحايا يتعذّر عليها الاتصال بطواقم الاسعاف للقدوم بسرعة الى الأحياء المنكوبة . الجوع حاضر منذ أيام و العطش، الاصوات الهادرة لقذائف المدفعية تهزّ أركان الروح و تقصم شرايين الحياة ، الخوف، لا ليس الخوف بل الرعب و شبح الموت الحاضر في كل ركن و زاوية يتعنّت بالتنكيل بما تبقى من أعصاب سليمة. وكيف لا تبلغ القلوب الحناجر و أهوال حرب ابادة جارية ؟ ياربّ قَصٍّر من عمر هذه الليلة العصيبة و عجّل ببزوغ الفجر فوحدك العليم بما يعانيه عيالك في غزة. الفجر ؟ نخاف ان ينبلج داميا متشحا بالأحمر. نخاف طوارق الليل يارب على عبادك الطيبين هناك و نخاف عليهم الفجر أن يبزغ على حصادٍ تشيب له من جديد رؤوس الولدان. يا رب قلوبنا تئنّ و نحن نقتفي آثار المراسلين لحظة بعد لحظة و ننتظر ما تجود به علينا حناجرهم و هم على خط النار. غزة تحترق يارب غزة تموت وحدها في العتمة يا ربّ الارباب . غزة تدمّر و أهلها يعطون الموت بالجملة في الظلام المدلهمّ دون رقيب و لا حسيب فهي اليتيمة في مأدبة اللئام. غزة من يواليها من غير جنودك يا رب ؟ حتى محيط المستشفى الاندونيسي و مستشفى الشفاء يتعرضان للقصف الليلة . حتى المستشفيات التي تحاول انقاذ الحياة تُعطى الموت بلا هوادة. الناس يحملون موتاهم و جرحاهم بما تيسّر و سيارات الاسعاف لا تجرؤ على الخروج في هذه الليلة الخطيرة الشديدة الظلام التي يزيدها تحليق طائرات اف 16 رعبا في النفس و ظلمة حتى أخمص الفؤاد. وميض القنابل مستمر في شمال القطاع و أصوات القذائف تخبو فترة ثم تعود هادرة من جديد. مليون طفل يرتعب من هدير الحرب الليلة، مليون طفل جائع ، ظامئ ، مُسهد يرقبه الموت من قريب أو يتوعّده الألم و اليتم والحرمان بعد حين. كم منهم مرشحون للموت هذه الليلة أيضا؟ . فوحده الموت يجول في كل مكان ، موت جنوني أهوج. فغزّة وليمة للموت و ضيوفها هتشكوكيون بامتياز. فلا شيء في غزة الليلة غير الحرب و الخراب، حرب شعواء بين طرفين غير متناظرين ،غير متكافئين ، حرب هجينة جمعت فيها آليات ، معدات وتقنيات آخر ما أبدعته عبقرية العلم و التكنولوجيا في مجال الشر ، في قتل الانسان. وحده الانسان دون جميع الحيوانات عدو لبني سلالته. وحده الانسان يوغل في التنكر لانسانيته . و يستمر الظلام و الجحيم وركح غزة مفتوح على مشهد جنائزي يحكي للاجيال ضياع هذا الانسان. اللهم اجعل هذه النيران بردا و سلاما على من ليس لهم غير رحمتك و عونك كما جعلت النار بردا و سلاما على نبيك ابراهيم .. ✍ 0 تعليقات 0 FacebookTwitterPinterestEmail حساب الكاتب منشورات الكاتب انتهى الدرس يا غبي انهم يدنّسون بيوت الله كيف يموت السنواريون يحي السنوار : شهادة كاتب اسرائيلي الثوار لا يموتون ملائكة معذّبة وهيبة جموعي المنشور السّابق LA MORT AU BERCEAU المنشور التّالي خيانة قد يعجبك أيضا حين نتعثر بكلماتنا على لسان الآخرين 2024-05-08 عيد بطعم الرماد 2024-04-11 تعدّدت الأرزاق والرّزّاق واحدُ 2024-03-08 يا ربّ ! 2023-11-14 هدنة مع النفس 2023-09-17 اربح نفسك 2023-09-17 أترك تعليقا إلغاء التعليق احفظ اسمي وبريدي الإلكتروني وموقعي في هذا المتصفح للمرة القادمة التي أعلق فيها. Δ