61 الليلة ظلماء ، دامية في غزة ،طائرات حربية تحلّق في السماء و تشنّ غارات على أحياء جديدة يقول وائل الدحدوح و “الزلمة” يقفز على ألمه ويراوغ الموت في عرينه بشجاعة نادرة. المشهد في غزة سريالي بامتياز كأنه فصل من رواية درامية كتبت بالدم و الدموع. عنيفة هي الاشتباكات على الارض، مرعب هو القصف من البحر ، مهولة تلك الاشياء النازلة من السماء تومض لحظة لتخيّم العتمة من جديد على المكان. فالظلام دامس بعد قطع الكهرباء ، العزلة رهيبة بعد بتر الاتصالات و تحطيم كوابل الشبكة العنكبوتية ، وعائلات الضحايا يتعذّر عليها الاتصال بطواقم الاسعاف للقدوم بسرعة الى الأحياء المنكوبة . الجوع حاضر منذ أيام و العطش، الاصوات الهادرة لقذائف المدفعية تهزّ أركان الروح و تقصم شرايين الحياة ، الخوف، لا ليس الخوف بل الرعب و شبح الموت الحاضر في كل ركن و زاوية يتعنّت بالتنكيل بما تبقى من أعصاب سليمة. وكيف لا تبلغ القلوب الحناجر و أهوال حرب ابادة جارية ؟ ياربّ قَصٍّر من عمر هذه الليلة العصيبة و عجّل ببزوغ الفجر فوحدك العليم بما يعانيه عيالك في غزة. الفجر ؟ نخاف ان ينبلج داميا متشحا بالأحمر. نخاف طوارق الليل يارب على عبادك الطيبين هناك و نخاف عليهم الفجر أن يبزغ على حصادٍ تشيب له من جديد رؤوس الولدان. يا رب قلوبنا تئنّ و نحن نقتفي آثار المراسلين لحظة بعد لحظة و ننتظر ما تجود به علينا حناجرهم و هم على خط النار. غزة تحترق يارب غزة تموت وحدها في العتمة يا ربّ الارباب . غزة تدمّر و أهلها يعطون الموت بالجملة في الظلام المدلهمّ دون رقيب و لا حسيب فهي اليتيمة في مأدبة اللئام. غزة من يواليها من غير جنودك يا رب ؟ حتى محيط المستشفى الاندونيسي و مستشفى الشفاء يتعرضان للقصف الليلة . حتى المستشفيات التي تحاول انقاذ الحياة تُعطى الموت بلا هوادة. الناس يحملون موتاهم و جرحاهم بما تيسّر و سيارات الاسعاف لا تجرؤ على الخروج في هذه الليلة الخطيرة الشديدة الظلام التي يزيدها تحليق طائرات اف 16 رعبا في النفس و ظلمة حتى أخمص الفؤاد. وميض القنابل مستمر في شمال القطاع و أصوات القذائف تخبو فترة ثم تعود هادرة من جديد. مليون طفل يرتعب من هدير الحرب الليلة، مليون طفل جائع ، ظامئ ، مُسهد يرقبه الموت من قريب أو يتوعّده الألم و اليتم والحرمان بعد حين. كم منهم مرشحون للموت هذه الليلة أيضا؟ . فوحده الموت يجول في كل مكان ، موت جنوني أهوج. فغزّة وليمة للموت و ضيوفها هتشكوكيون بامتياز. فلا شيء في غزة الليلة غير الحرب و الخراب، حرب شعواء بين طرفين غير متناظرين ،غير متكافئين ، حرب هجينة جمعت فيها آليات ، معدات وتقنيات آخر ما أبدعته عبقرية العلم و التكنولوجيا في مجال الشر ، في قتل الانسان. وحده الانسان دون جميع الحيوانات عدو لبني سلالته. وحده الانسان يوغل في التنكر لانسانيته . و يستمر الظلام و الجحيم وركح غزة مفتوح على مشهد جنائزي يحكي للاجيال ضياع هذا الانسان. اللهم اجعل هذه النيران بردا و سلاما على من ليس لهم غير رحمتك و عونك كما جعلت النار بردا و سلاما على نبيك ابراهيم .. ✍ 0 تعليقات 0 FacebookTwitterPinterestEmail حساب الكاتب منشورات الكاتب ناس وضمائر رجال رائعون حقا! كتّاب منّا لكن علينا انتهى الدرس يا غبي انهم يدنّسون بيوت الله كيف يموت السنواريون وهيبة جموعي المنشور السّابق LA MORT AU BERCEAU المنشور التّالي خيانة قد يعجبك أيضا حين نتعثر بكلماتنا على لسان الآخرين 2024-05-08 عيد بطعم الرماد 2024-04-11 تعدّدت الأرزاق والرّزّاق واحدُ 2024-03-08 يا ربّ ! 2023-11-14 هدنة مع النفس 2023-09-17 اربح نفسك 2023-09-17 أترك تعليقا إلغاء التعليق احفظ اسمي وبريدي الإلكتروني وموقعي في هذا المتصفح للمرة القادمة التي أعلق فيها. Δ