الرئيسية قصص و خواطر من يوقف القطار؟

من يوقف القطار؟

بقلم وهيبة جموعي
A+A-
إعادة

“Stop the train, I want to get off?”

“أوقف القطار أود ان انزل”

الكثير منا يودّ ان يوقف مشوارا مشى فيه سنين عددا غير أنه لم يعد يستطيع ان يكمل الرحلة التي بدأها امّا لغياب الحافز او لأنه فقد معالم الطريق في منتصفه وأضاع نفسه خلال المسيرة و ما صادفه خلالها من أحداث و أشخاص، أو لانه ببساطة تعب و لم يعد يعنيه ان يكمل تلك الرحلة المبرمجة على غير هواه أو التي حادت عن خريطة رغائبه ويستشعر في قرارة نفسه ضرورة تغيير المسار للشروع في بداية جديدة او حتى أخذ استراحة مسافر.

كلنا في رحلة ما ، المسؤول على كرسي المسؤولية ، الموظف في مكتبه و أمام ملفاته ، المغترب في غربته ، المعلم مع طبشوره ، الطبيب مع مرضاه ، حتى الوالدين مع اولادهما و الزوج مع زوجه .

كثير منا تعب و ما وصل الى نهاية الرحلة و رغبته الجامحة ،الكاسحة أن ينادي على سائق القطار “قف أرغب في النزول” لو استطاع الى ذلك سبيلا .

لكن كم منّا يجد القدرة ، الجرأة و الشجاعة على اتخاذ القرار و انهاء الرحلة ؟

كم منّا مستعد ان يدفع تكاليف النزول مثلما دفع تكاليف الصعود التي قد تكون اغلى و فوق المستطاع ماديا و معنويا؟

كم مسؤول يرغب في النهوض عن كرسي المسؤولية لكنه لا يقدر ؟

كم موظف يريد أن يرمي المنشفة لأن وظيفته لم تعد على مقاس أحلامه لكنه يستمر فيها اضطرارا او خوفا مما يأتي به المستقبل؟

كم زوج أو زوجة يودان ان تنتهي العلاقة بينهما لكنهما يبقيان مع بعض على مضض و يتعايشان و الحياة تكاد تستحيل بينهما لأنهما يرفضان دفع فاتورة الطلاق هما أو اولادهما؟

كم من مغترب يرغب في العودة الى وطنه و لكنه يستمر في بعده لان موانع الرجوع كثيرة ؟

كم من مواطن يتمنى أن يهاجر بحثا عن أسباب العيش الكريم في بلد آخر لكنه لا يجرؤ على قطع الاواصر مع حاضره و عائلته و وطنه ولا يستطع ان ينهي الرحلة الحاضرة ليبدأ أخرى تحت سماء أخرى؟

كم عامل يكدح ليلا او نهارا يودّ لو يصرخ “أوقفوا هذا القطار الملعون لأنزل فقد سقم جسمي المكدود و هُدّت روحي المتعبة و لا زالت الرحلة لم تشارف على النهاية” لكنه يكتم الصرخة الأليمة والزفرة الحرّى ، وبيد مرتعشة يمسح الدمعة التي لا يراها الاّ الله في عليائه و يَدعُ القطار يسير؟

كلنا في رحلة ما و قد أصبح الكثير منا مجهدين و مرضى و لكن كم منا استطاع ان ينزل لأخذ قطار آخر قد يكون هو القطار المنتظر ؟

قد يكون …

بقلم امرأة نزلت من القطار . 

قد يعجبك أيضا

أترك تعليقا