الرئيسية قصص و خواطر هدنة مع النفس

هدنة مع النفس

بقلم وهيبة جموعي
A+A-
إعادة

هناك من يقسو على نفسه و يُمعن في القسوة كلما أخطأت أو زلّت أو فشلت ، فتراه يقوم بجلدها و تأنيبها بل والتنكيل بها و كأنها ألدّ اعدائه.
لا يا يا صاحبي ما هكذا تؤتى النفوس الكريمة و ان جانبت الصواب أو لحق بها ضرر من
فشل .لا تزيدها همّا على همّ و تطردها من رحمتك و كأنها شيطان رجيم : كفَّ أذاك عنها و سُسْها بالحكمة و العقل و المنطق بدل من تصيُّد هفواتها .فلكل جوادٍ كبوة و لكل فارس سقطة و جلّ من لا يخطئ فالنفوس ان لم تكن أمّارة بالسوء الاّ من رحم ربي فيها ضعف و جانب مظلم و الناجح الهُمامُ لا يخلو من فشل يصادفه في طريقه الى المعالي .
جلد الذات الذي يمارسه الكثير من الناس لاسيما الباحثين عن الكمال مضرّ ٌبالنفس مثل تركها على هواها و عدم الامساك بزمام رغائبها و ترشيدها ، الاثنان مفسدة و خير الامور اوسطها فلا ضرر و لا ضرار ، ان احسنت نفسك فكافئها بما تحبّ و كن ليّن القول معها و شجعها على الاستمرار في اتيان الفضائل أو النجاحات ، و ان اخطأت و انزاحت قليلا أو كثيرا عن جادة الصواب أو ان حَدَثَ و رسبت في امتحان أو سقطت رغم الجدّ و الاجتهاد في الوصول الى هدف ما فلا ضير ان تقف معها وقفة “فحولة” تدرس فيها معها أسباب الفشل و مبرّراته و تراعي الظروف و تأخذ في الحسبان كل ما أحاط بها في تلك الفترة و لماذا لم تؤتِ جهودك ثمارها لتستطيع الوقوف على أرضية صلبة هيّأتها لك العبرة من التجارب السابقة و تتفادى الوقوع مرة أخرى.
كن شهمًا مع نفسك حتى لا تجعلها فريسة لليأس و القنوط ، للاكتئاب و الامراض النفسية التي يصعب الخروج من دائرتها الهوجاء في هذا الزمن العصيب.
كن مسامحا فالمسامح كريم و افتح امامها بدل الباب الذي انغلق أبوابا اللهُ سيفتحها عليك يرحمته و رفقه و لا تضيّق عليها ما الخالق موسعه لامحالة ان سرّحت النظر في ملكوته و حسن تدبيره للكون و حكمته في تسيير خلقه.
ان تعثرت قدمك يا صديقي فقم و امشِ من جديد ،
ان أسأت التصرف فعدّل سلوكك و قوّم تصرفاتك و امضِ للأمام ،
ان فشلت و أتت النتائج مخالفة لتوقعاتك ففتش عن أسباب الفشل و فكّر في طريقة اخرى قد تقودك للنجاح و اخفض من سقف توقعاتك فالدنيا صعبة و لا تؤتى بالهوج ،
ان ضللت الطريق فلا تقل هلكتُ بل انظر الى الافق و قل يا ربّ من لي سواك يغفر الذنب و ينير الطريق و يهدي الى صراط قويم،
مهما كانت غلطتك يكفي أن تفيق وتعيَ في لحظة ما أنك غلطان و تبحث عن سبيل الخلاص بتؤدة ، برِفق و لكن بثبات حتى لا تغوص تماما في ما أنت فيه من أذى و ضلال،
قاوم نزعات الشر فيك، قاوم “السوداوية” في مقاربة الاحداث ، قاوم “السلبية” في معاملة نفسك ،قاوم الشيطان الذي يسحبك الى القاع و يهوّل أمامك الاحداث و الوقائع و انهض دائما من جديد فلكل نفقٍ مخرج الى النور مهما كان طول النفق.✍

قد يعجبك أيضا

أترك تعليقا